حفظت المرويات الشعرية خبر يوم الحُجرة؛ وهو اليوم الذي افتكّ فيه قومٌ من الظهران من قبيلة السهول جارًا لهم من بني عمّهم من بني عامر من قبيلة سبيع. وقد وصلتنا شهادة هذا اليوم في شعر الرواة وفي أخبار الفروسية التي تداولها أهل نجد
رواية حمّاد آل زايد الظهيري السهلي
جاءت الإشارة إلى الواقعة في شعر حمّاد بن عبد الله آل زايد الظهيري السهلي، حيث قال:
علم لفّا يا سيف من لابةٍ لي
علم لو إني أعلمك به يروع
ونُشر من القصيدة ستة أبيات في ضميمة من الأشعار القديمة (139–140). ومن أبياتها الدالة على الحدث:
ترى اللوم عليهم لوهم انقَفوا
وخلّوا ذود العامري مزيوغ
ومؤدى هذه الأبيات أنّ رجال الظهران من السهول قاموا بواجب الجوار وافتكّوا ذود جارهم العامري.
فرسان اليوم وأثرهم
تذكر الرواية من فرسان يوم الحُجرة وأبطاله الفارس محمد بن فيصل بن وهيطان آل زايد الظهيري السهلي، وكان له البلاء الحسن والأثر الجميل، وقد قُتل لاحقًا في وقعة الرغامة سنة 1343هـ (1925م).
شاهد من أوراق فهاد بن هملان السهلي
وفي بعض أوراق الباحث البلداني النسّابة فهاد بن هملان السهلي وردت أحديّة للفارس المشهور مرعان بن باتل البرازي السهلي جاء فيها:
بندرج الأشقر على الميدان
أما يحبّا وإلّا بُرج
إنا نبيحنا قبلكم خشمان
لعيونك يا الصفرا الطفوح
وجاء في حاشية الورقة التنبيه بأن خشمان: من قبيلة عنزة.
كما يواصل الأستاذ فهاد رفد الباحثين بكل جديد؛ ومن ذلك أحديّة لفارسٍ من المحانية من السهول هو عبيد بن مطلق بن زليغيف، جاء فيها:
ما عندنا للنسيب إلا سخط النحر
يِبتر عروق الظهر مخباطنا اللي يصيب
تنبيه على سبق قلم (يوم العِرق)
نُبِّه إلى سبق قلم في ص(93) من كتاب معجم بلاد بني كلاب؛ إذ ورد أن يوم العِرق كان بين البرازات من السهول وقومٍ من عنزة، بينما المسموع من رواة السهول أنه كان بين قوم من السهول ومعهم بعض بني عمّهم من سبيع ضد قومٍ من عتيبة. وقد أبلى فيه من البرازات: برجس بن بداح بن بعيجان وناصر بن هادي الباروقة بلاءً حسنًا؛ إذ وقفوا في المؤخرة، فحموا الرقاب وافتكّوا الكسب.
وجاء وصف ذلك اليوم في شعر عبد الله بن غصن آل علي السبيعي:
شيٍ جرى للفظا قبل أمس
في لِبّة العِرق من غادِ
الخيل حمس علينا حمس…
والجيش من الرمي بنقادِ
خلاصة
تُبرز مادّة يوم الحُجرة ما كان عليه أهل نجد من حماية الجار وصون الذمّة، وتظهر أدوار فرسان السهول في الميدان، كما تثبت روايات الرواة تصحيح نسبة يوم العِرق واتصالها بالبرازات من السهول مع بني عمومتهم سبيع. وقد حفظ الشعر تفاصيل هذه الوقائع، فبقيت شاهدًا موثقًا على أخلاق الفروسية ومروءات القبائل.
المصادر والمراجع
- ضميمة من الأشعار القديمة – صـ 139–140.
- أوراق الأستاذ فهاد بن هملان السهلي – ملاحظات ميدانية وروايات شعرية.
- معجم بلاد بني كلاب – صـ 93 (مع التنبيه على سبق القلم).
- روايات حماد بن عبد الله آل زايد الظهيري السهلي.
- مرويات مرعان بن باتل البرازي السهلي وعبيد بن مطلق بن زليغيف السهلي.
- شعر عبد الله بن غصن آل علي السبيعي في وصف يوم العِرق.


